خلود القربي من خنيس ولاية المنستير

أنا فتاة في ربيعها 15 أدعى خلود القربي و أنا واحدة من الأطفال القلة المصابين بمرض مزمن كهذا المرض الذي لا يخول لنا العيش في الشمس كأي طفل عادي .فمنذ ولادتي إلى أن بلغت الخامسة و أنا أتعامل مع هذا المرض كأنه غير موجود أتجول في الشوارع تحت أشعة الشمس غير مدركة بمدى خطورة هذا الوضع لكن ما أن كبرت قليلا و لاحظت مدى غرابة و قسوة نظرات الناس لي وعيت بأني طفلة غير طبيعية و صرت أبكي و أحزن لحالتي. أتذكر أول يوم لي في الروضة و أول ما وطأت قدمي بابها استقبلني الصغار بنظرة خوف و استغراب فأخذت في البكاء وخرجت مسرعة هاربة أركض دون وعي مني جاهلة لما يخبئه لي القدر،و لهذا فإن من واجبي شكر والدي اللذان حاولا ما استطاعا و بذلا كثيرا من الجهود لحمايتي وإنقاذي بتوفير بعض احتياجاتي كالمسكن المغلق ،المراهم الخ...... رغم الإمكانيات  المتواضعة  فلولاهما لما وصلت إلى هذا الحد من الوقاية بعد ما جابهته و مررت به من صعوبات في ظل كثير من النقائص كاللباس الخاص الخ... .فإثر تعرفنا على هذا الغول الخطير الذي يهدد حياتنا أصبحت لا أتجول في الشمس، و لكن الحمد لله لوجود القمر فأنا  أعتبره صديقا لي فعند حلوله أستطيع الخروج و التجوال في ضوئه لكن رغم ذلك أحس أنني وحيدة و غريبة  وأنه لا مكان لي  خاصة وأن السكون يعم الليل و الكل نيام. لقد عشت حياة ملؤها القسوة و الغرابة و الصعوبات و مازالت معاناتي مستمرة إلى حد الآن خاصة بوجود أناس لا يعرفون هذا المرض كذلك بوجود أخ صغير لي اسمه خير الدين الذي  لم يتجاوز سن الثالثة من عمره ، وهو  مصاب بهذا المرض وحرصا على حمايته و وقايته من مخاطر أشعة الشمس و الأضواء البيضاء فإني أسعى إلى أن يحيا أخي حياة طبيعية ملؤها السعادة و الفرح كأي طفل  طبيعي ولا يحس بالنقائص و أن لا يمر بالصعوبات التي مررت بها في حياتي  و الآلام التي واجهتها في كل مكان ذهبت إليه في المنزل،الروضة،المدرسة ،المعهد ، الشوارع و المجتمع عموما، فلا يمكن  أن يحرم من أبسط حق له و هو حق التعلم والعيش الكريم، فالأطفال المصابون بهذا المرض عدوهم اللدود هو :"الشمس"و كل ما أتمناه هو أن كل من يصادف أو يرى هؤلاء  المرضى لا يستغرب أو يخاف بل يتعاطف معهم ويمد لهم يد المساعدة لأنهم مثل كل الأطفال ولكن يكمن الاختلاف الوحيد في أنهم مصابون بمرض غير معروف لدى الأغلبية وهو غير معد ولا يكتسي خطورة لمن حولهم.

لكل هذا يطلق علينا اسم:                                      

أطفال القمر
«enfants de la lune »